المرأة، الحياة، الحرية” يجب أن تكون القوة الدافعة التي توجه التنظيم

“مع اتمام الذكرى السنوية الأولى لمقتل  جينا أميني على يد الدولة الإيرانية، إننا ننحي بكل احترام وإجلال وامتنان أمام ذكرى جينا أميني وجميع الشهداء الذين تعرضوا للاغتيال والإعدام في الأزقة لاحتجاجهم على المجزرة، ونعد مرة أخرى بأننا وبكل إصرار وتصميم، سنصعد ونكثف نضالنا ضد عنف الدولة الذكورية.

كما هو الحال في كافة الدول القومية، ففي الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضاً الدولة قائمة على أساس القضاء على إرادة النساء. تستخدم مصطلحات “الأخلاق” و”الشرف” بمثابة سلاح لجعل النساء عبيداً للرجال والدولة، وتعمل على صياغتهن بما يتماشى مع توجهاتها، و تفرضها على النساء كقاعدة لا غنى عنها. عندما أرادت جينا أميني وضع إرادتها على المحك فيما يتعلق بروحها وشعرها، ألزمها عناصر  شرطة الأخلاق للنظام الإيراني شرطاً “إما أن تكوني خاضعة لهيمنة الدولة الذكورية أو تموتي” واغتالوها. لم ترضخ جينا أميني للعبودية القائمة في إيران والتي يتم فرضها على المرأة الكردية والفارسية والآذرية والبلوشية والأخريات، و قاومت فكان رد الدولة على مقاومتها بالاغتيال.

هذه المقاومة هي نتيجة لنضال المرأة الممتد على مدى ثلاثين عاماً

لقد ظهرت هذه المقاومة نتيجة للشجاعة التي خلقتها فلسفة “المرأة، الحياة، الحرية” في نضالنا النسائي في كردستان على مدى أكثر من ثلاثين عاماً. إن نضالنا النسائي، الذي يتنامى مع تجيش المرأة، وأيديولوجية المرأة، وتحزب المرأة والنظام الكونفدرالي للمرأة و أخيراً مع توجيهات علم المرأة، تتعاظم قوة تأثيره وينتشر يوماً بعد يوم. لقد أظهرت الانتفاضات التي أعقبت استشهاد جينا مباشرةً والتي بدأت في إيران وانتشرت في جميع أنحاء العالم مصحوبة بشعار “المرأة، الحياة، الحرية” بشكل ملفت للنظر ما مدى فعالية وعالمية التطورات المتمحورة حول المرأة في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين. إن النضال التحرري للمرأة الكردستانية الذي بزر بفضل البصيرة و الجهود العظيمة للقائد آبو (عبدالله أوجلان)، تأسس وتطور على أساس فلسفة “المرأة، الحياة، الحرية”. وإن نضالنا الذي تنامى حول هذا الشعار، وصل إلى المستوى الذي سيحدد القرن الحادي والعشرين في كردستان والشرق الأوسط وجميع أرجاء العالم على أساس التطورات التي تتمحور حول المرأة. وقد أظهرت الانتفاضات التي حصلت رداً على استشهاد جينا، الحاجة الماسة للمرأة والمجتمع إلى الحرية والمساواة والعدالة بطريقة قوية للغاية. وأثبت مرة أخرى أن المرأة هي الرائدة لنضال الحرية والمساواة والعدالة.

أظهرت الفعاليات أن المركز الرئيسي للحل هو النضال التحرري للمرأة

عندما نظمت النساء والرجال، وخاصة الشابات، والفئات الأخرى من أفراد المجتمع الاحتجاجات في الشوارع و رددت شعار “المرأة، الحياة، الحرية” في إيران ودول أخرى، أظهرت في الوقت نفسه أن مركز الحل الرئيسي هو النضال التحرري للمرأة. حتى ولو كانت التضحيات باهظة، فقد صرخوا قائلين إنه لا حياة بدون المرأة، ولا حرية بدون المرأة، ولا حياة بدون الحرية. مثلما أصبح القرن الحادي والعشرين إحدى نقاط التحول التاريخية، فقد أصبح النضال التحرري للمرأة أيضاً نقطة تحول مهمة جداً. إن التصدي لتقليد دولة الشرق الأوسط الكلاسيكية لإيران، وما يسمى بالأنماط المعاصرة للنظام الرأسمالي من خلال عبارة “المرأة، الحياة، الحرية”، عبر عن إحياء وتحريك ذاكرة الحرية للمجتمع والمرأة بشكل مذهل. والمسألة المهمة الأخرى، هي حقيقة الرجال الذين لم يقبلوا بعنف النظام الذكوري، وانزعجوا منه، وعبروا عن ردة فعلهم بالخروج إلى الشوارع. لقد بدأت تتطور حقيقة للرجال، الذين شاركوا مع النساء في الانتفاضات وبذلوا الجهود و استشهدوا وتعرضوا للإصابات وقدموا التضحيات. وتبيّن في هذه الانتفاضات أن بعض الرجال ينخرطون من خلال النضال التحرري للمرأة في مرحلة التغيير-التحول على أساس ديمقراطي، حيث يُعتبر هذا الأمر تطوراً مهماً في عملية التحول الاجتماعي.

إن مقاومة جينا أميني ومقاومة ملايين الأشخاص الذين يتمسكون بمقاومتها، تشير إلى إعادة بناء الحياة على أساس حرية المرأة ومساواتها من جديد. إن التكريم الأكثر معنى والأكثر ديمومة لهذه المقاومة و الاستشهاد سيكون بالمقاومة في الشوارع، والتنظيم الذاتي في الأزقة، وبناء حياتنا الحرة بأيدينا. لأن المرأة الغير منظمة والمجتمع الغير منظم محرومين من الحماية في مواجهة الدول والرجال المتغطرسين. واليوم، تتعرض آلاف النساء للقتل في كل لحظة في العالم، وتتعرضن للاعتداء و استغلال الجهود والحرب الخاصة بأبشع الأشكال، ويجب أن يكون ردنا الأساسي لكل هذه الممارسات من خلال تعميق و تنمية وعي وتنظيم ونضال المرأة. يجب علينا تأسيس الأكاديميات والكومونات والمجالس النسائية واقتصاد المرأة والمنظمات النسائية المختلفة، بحيث ننسج حياتنا الواحدة تلو الأخرى، ونعمل على تطوير حمايتنا الجوهرية من خلال بناء نظام حياة ديمقراطي. ما لم نقم، نحن النساء، بتعزيز تنظيمنا وجعله نظاماً، فإن العنف الذكوري سيستمر في الاعتداء بشكل أكبر بعصا الدولة من خلال تنظيم نفسه كنظام، وسيستمر في شن الهجمات و ارتكاب مجازره بأشكال مختلفة. 

لذلك، لا ينبغي تقييد شعار “المرأة، الحياة، الحرية” فقط في ترديده كشعار في الاحتجاجات، بل يجب أن يكون القوة الدافعة والوجهة للحياة والنضال والتنظيم. وهنا يكمن سحر هذا الشعار. و نتوجه في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد جينا أميني بالدعوة إلى كل الذين يريدون تحرير الحياة وفي مقدمتهم المرأة، بالنزول إلى الأزقة وتنظيم الاحتجاجات. و تواجد الشابات على وجه الخصوص في هذه الذكرى السنوية في الأزقة و تمسكهن بهذه الذكرى أمر قيّم جداً. على هذا الأساس، نناشد كافة الحركات النسائية المناضلة والأفراد إلى تحويل يوم 16 أيلول الذي هو يوم استشهاد جينا أميني، ليوم الوحدة و تعزيز النضال التحرري للمرأة.