ثورة المرأة هي ثورة داخل ثورة

استيعاب المرأة المتحررة، يعني استيعاب التاريخ والمجتمع والحياة من جديد. لذا، فإخراج المرأة من كونها مادة سلعية مغالى فيها ضمن الرأسمالية والرجعية الإقطاعية الدينية، هو أحد أهم الوظائف. هذا إلى جانب المهمة الأساسية في التخلص من أخلاق وزواج الرجل الحاكم المشحون بأحكام القيم المهيمنة للإقطاعية والرأسمالية.

فالمرأة ملزمة بتأدية دورها مع حقيقة حزبها والتحولات إلى ثلاثية الإلهة ـ الملاك ـ أفروديت ” ذات الألفاظ المثيولوجية، والتي ذكرتها في تقييماتي الأخيرة، إنما تفيد في فحواها بالتمرد على ثقافة الرجولة المهيمنة على مر خمس ألاف سنة. ذلك أن تلك الثقافة أسقطت المرأة في وضعية مروعة. فالزواج المتضمن للملكية هو احد أفظع المخاطر. وبدون تحقيق حرية المرأة، لا يمكننا تطوير أي جانب من جوانب ساحة الحياة الحرة ذات المعاني السامية والقيمة، والتي تستحق العيش فيها. يتطلب الأمر صراع المرأة العظيم، الذي لايمكن أن تتطور الوطنية والمساواة بدونه. والعشق ـ على عكس ما يظن ـ يتطلب نظرية سوسيولوجية بممارسته العملية التامة. ولا يمكن إنزاله إلى مستوى عواطف بسيطة لأي فردين. فالعشق يستلزم البسالة الجليلة، والحب الكبير، والنجاح الفائق. من لا نجاح له، لا عشق له. ووجه العشق متجها دائماً نحو حرب الحرية المظفرة.بالإمكان تعريف كدح العشق الذي هرعت وراءه على هذا النحو.

كلنا نعرف بالطبع أن الأفراد يتكونون من جنسين اثنين، ولكننا في ساحة الحرب. ولأن ” الفاتحين ” سلبوا كل ما هو لنا، فلا توجد نساء لدينا يمكننا القول بأنهن “نساؤنا”. والنساء الموجودات هن نساء “أشياء ” سلعية ذوات نوعية بخسة.وإقامة مناضلي الحرية علاقة مع هؤلاء النساء أمر يناقض جوهر الموضوع.أما علاقة المرأة الطامحة إلى الحرية والمناضلة لأجلها مع رجال من هذا النوع فهو أكثر تضادًا. المهم أصلاً هو مواصلة الذات عبر الأفكار والآراء المطروحة،منذ عهد أفلاطون. في حين أن مواصلة الوجود الجسدي فحسب تعتمد على الغرائز الجنسية الفطرية. وأنا أدرك ماهية الغرائز الجنسية الفطرية فهي الساحة الوحيدة المتروكة لشعبنا لمواصلة ذاته. وهي الآن باتت البلاء الأشد على رأسه.

المهم هو مواصلة النسب على أساس الأهداف المثلى والذهنية العليا. وهذا بدوره يمر من الصراعات الاجتماعية والفلسفية الكبرى. خلاصة،من لايستطيع تطوير العشق الثوري، بإمكانه تجربة طراز المرأة المعجبة، الذي يكثر حوله الجدل في تركيا. أي يمكن منح الإذن للزواج العبودي من امرأة معتكفة في منزلها، بشرط عدم خيانة المهام والوظائف، ودون نقل هذا الأمر إلى الساحتين السياسية والعسكرية. لكني أكرر وأقول، ستكون تلك الزيجات كتلك الشائعة في النظام السائد. ولا يمكن نقلها إلى الساحتين السياسية والعسكرية. وإلا، فستفتح الأبواب على مصا ريعها أمام التأثيرات الاستعبادية للحياة الإقطاعية والرأسمالية. وهذا ما لا نجده حتى في الجيوش النظامية.

الظاهرة المعاشة لدينا هي ظاهرة تاريخية بالأهم. وما اقترحته من مصطلح “تمثيل الإلهة ـ الملاك ـ أفروديت ” لأجل مجموعة من رفيقاتنا، إنما هو بغرض محاربة الثقافة الاستعبادية الفظيعة، التي يطبقها الشرق الأوسط على المرأة. ثمة حاجة ماسة لنساء أصيلات من ذلك النوع في هذه المرحلة من التاريخ. مع أن المئات من الرفيقات برهن هذه الحقيقة، باستشهادهن بمواقف بطولية باسلة جداً. وذكراهن تتضمن معاني جد عظيمة.

وأنا على قناعة بوجود الكثير من نسائنا الباسلات، الآن أيضاً. وشخصياتهن المفعمة بالجسارة والجرأة والعدالة والعشق العظيم، تبرز حديثاً إلى الميدان.

القائد عبدالله أوجلان