هيفي نودا: تحرر المرأة يحرر المجتمع أيضاً

بدايةً في شخصية جينا أميني التي استشهدت في 16 سبتمبر 2022 نستذكر بكل احترام وامتنان، كل أولئك الذين استشهدوا في الانتفاضات التي بدأت بشعار المرأة الحياة الحرية (Jin Jiyan Azadî) و وصلت لمستوى الثورة، ونجدد عهدنا بأن نحقق أحلامهم غير المكتملة

قيادتنا أبدعت أيديولوجية تحرير المرأة

“قائدنا يقول: “المرأة المتحررة هي المجتمع المتحرر”. فقد طرح مقاييس الحرية على أساس خط حرية المرأة، انطلاقا من حقيقة لا يمكن أن يتحرر المجتمع إلا بتحرر المرأة. كما أن ايديولوجية تحرير المرأة التي أبدعها، خلقت خطاً من الحرية  ألهم النساء في جميع أنحاء العالم وسيلهمهن. ومما لا شك فيه أن هذا المستوى من نضالنا من أجل حرية المرأة، يرتكز على التضحيات الجسام التي قدمها شهداؤنا الأبطال والتجارب التاريخية التي حققوها. وعندما قال قائدنا “زيلان ليست شخصاً بل هي خطاً للحرية” أراد أن يلفت الأنظار إلى حقيقة حركتنا هذه حركة حرية المرأة.

كما أن النظام الإيراني، الذي هو أحد ممثلي نظام الهيمنة الذكورية المهيمن، يعلم أن عبودية المرأة هي مصدر العبودية الاجتماعية، وأن المرأة المتحررة ستكون المجتمع المتحرر. مع الخوف والقلق الذي يخلقه ذلك، بفرض الحظر على النساء يهاجم النظام الإيراني كل جانب من جوانب الحياة ويريد قمع بحث المرأة ونضالها من أجل الحرية. وإن كان التزام الحجاب يأتي على رأس قائمة المحظورات التي تحاول تقييد المرأة في كل جانب من جوانب حياتها اليومية، إلا أن المراد هو إخضاع المرأة للقوانين والقواعد الجنسية في كافة مجالات الحياة. النظام هو أساس المشكلة. ويتم تطبيق العقلية الجنسية الاجتماعية هذه كسياسة قمع وعنف ومجازر تحت اسم القانون. تعرضت رفيقتنا شيرين علم هولي لهذه السياسات الإجرامية للنظام الإيراني عندما وقعت في الأسر في 25 نيسان/أبريل 2008، بحيث حاول النظام الإيراني أن يفرض عليها الاستسلام من خلال التعذيب الجسدي والنفسي، إلا أنها لم تستسلم وتستمر في المقاومة، قائلةً: “يمكنك استلام جسدي، لكن شرفي أبداً لا يمكنك”. وقد تم إعدامها مع أربعة من رفاقنا في 9 مايو/أيار 2010. وهي ثاني امرأة كردية يتم إعدامها بعد ليلى قاسم في تاريخ النضال التحرري الكردي.

على مر التاريخ، كانت النساء الرائدات والمنظمات دائمًا هدفًا للفاشية. وبهذا المعنى، كان الهدف الرئيسي للأنظمة المهيمنة هو تحطيم وتدمير وعي الحرية وثقافة الحياة والإرادة المنظمة والجهود الجماعية للنساء من خلال المجازر. و وفقاً لهذا الغرض، يقوم النظام الذكوري المهيمن وسلطته التنفيذية الدولة بوضع جميع أنواع السياسات الجنسية ضد المرأة حيز التنفيذ، ويقوم بتطوير كافة أشكال التمييز و عدم المساواة والعنف و المجازر و العبودية من خلال إعادة بناء الحياة الاجتماعية على أساس التمييز الجنسي. إن النضال النسائي الذي اكتسب الهوية الاجتماعية ورائداته اللواتي قاومن و نظمن و أصبحن واعيات و انتفضن في وجه هذه العقلية، يتم استهدافهن وقتلهن واحدةً تلو الأخرى من قبل النظام القاتل هذا. من خلال هذه المجازر يريدون بتر الوعي التاريخي و الإرادة التنظيمية وعرق المقاومة لنضال المرأة.”

إنهم يهاجمون خوفًا من تمرد النساء

لفتت نودا الانتباه إلى مقتل جينا أميني قائلةً:

“تم اعتقال جينا أميني من قبل شرطة الأخلاق للنظام الإيراني في 13 أيلول/سبتمبر 2022، بحجة أنها لم تلتزم بقاعدة الحجاب وتحت مسمى الشرف، وتعرضت للتعذيب على يد هؤلاء العناصر غير الأخلاقيين خلال فترة اعتقالها. واستشهدت بعد ثلاثة أيام في المشفى الذي نقلت إليه بسبب الضربة التي تلقتها في رأسها. قتل النظام الإيراني جينا أمين. بعد مقتل جينا أميني، فلسفة الحياة المتبلورة في شعار المرأة الحياة الحرية التي وصفها قائدنا بـ “الصيغة السحرية للحياة الحرة”، أصبح الشعار الأساسي في جميع أنحاء شرق كردستان. اندلعت الانتفاضات الشعبية الثورية بطليعة النساء بشعار المرأة الحية الحرية. وشرارة التمرد هذه أدت إلى انفجار الغضب، وتحول هذا الغضب إلى تمرد وأصبح الشعار الرئيسي للعالم كله. لقد أصبحت جينا أميني اسماً للغضب الذي تعيشه النساء ضد هيمنة العقلية الذكورية المهيمنة في المجتمع و العالم، من خلال عدم قبولها قانون الحجاب الذي فرضه النظام الإيراني على النساء. لقد شاهدت كل النساء لون آلامهن في مقاومة جينا أميني. كما أصبحت اسم و رائدة كل ما عاشته جميع النساء جينا أميني. لقد رأى فيها كل شعب و امرأة جزءًا من آلامه التي يعيشها، لذلك وبطريقة سحرية تحول شعار المرأة الحياة الحرية إلى الوعي العالمي للنساء في كافة أنحاء العالم. إن هذه اللحظات الثورية هي لحظات تتعدد فيها الخيارات والاحتمالات بشكل كبير. ولهذا السبب، من المهم إلى أي قناة سيتم توجيه هذا الغضب الاجتماعي. في هذه اللحظات، حتى أصغر شرارة يمكنها أن تكون قادرة على تحدد مصير الشعب. بمعنى آخر، في هذه اللحظات، أصغر الاحتمالات يمكنها أن تخلق نتائج كبيرة مثل العاصفة. قائدنا يقول: “إن كل حدث ولحظة لها من الفعالية ما يكفي لإحداث ثورة.” على الرغم من أن النظام الإيراني استهدف النساء اللاتي شاركن موجة بعد موجة وبشكل سحري في الانتفاضات الثورية بشعار المرأة الحياة الحرية، وقتل العديد من أبناء شعبنا وجرح الآلاف، إلا أنه لم يتمكن بأي شكل من الأشكال من جعل النساء والشعب يتراجعون. النساء اللواتي يقودن الانتفاضات الثورية كشفن عن الوجه الحقيقي للنظام الإيراني. ولأنه يخشى من تمرد وتحرر المرأة، يستمر في التهجم بتهور.”

“المرأة الحياة الحرية” تعبر عن الحياة والثقافة والمعنى…”

“المرأة الحياة الحرية بدلاً من أن تكون مجرد كلمات، إنها تعبر عن نمط الحياة والثقافة والعقلية وعالم المعنى للمجتمع الأخلاقي والسياسي. لا ريب فيه أن إعطاء مثل هذا المعنى للمرأة في اللغة الكردية التي هي إحدى أقدم لغات الانسانية، أمر يرتبط بأهمية الشعب الكردي والجغرافيا التي يعيش فيها. والسبب الرئيسي لذلك هو أن المرأة الكردية المتمكنة من أدق تفاصيل الحياة، والتي تعطي معنى للحياة، لعبت دوراً في الثورة الزراعية القروية في العصر الحجري الحديث، من خلال معرفة كيفية العيش و البقاء على قيد الحياة دون إلحاق الضرر بالطبيعة والكائنات الحية. إن معرفتك لنفسك وللحياة، وفهم واقعك في الحياة والعيش وفقًا لذلك، هي الحرية بحد ذاتها. وبعبارة أخرى، فهي تعبر عن نمط حياة المجتمع وفلسفته.”

“إيديولوجية تحرير المرأة ستحل الأزمة”

صرحت عضوة منسقية KJK هيفي نودا أن الأيديولوجية التي يمكن أن تحل أزمة النظام التي يعيشها المجتمع في القرن الحادي والعشرين هي أيديولوجية تحرير المرأة، وقدمت التقييمات التالية:

“في هذه المرحلة، لا تستطيع ايديولوجيات الهيمنة الذكورية ايجاد حل للمشاكل الاجتماعية التي يشهدها القرن الحادي والعشرين. الأيديولوجيات ذات الطابع الذكوري لا تحل مشاكل المجتمعات، لأنها أيديولوجيات معادية للمجتمع، فهي ليست حلالة للمشاكل بل أيديولوجيات منتجة للمشاكل. وليس لها وظائف حل المشاكل أصلاً. في مواجهة الهويات الأيديولوجية ذات الطابع الذكوري، أيديولوجية تحرير المرأة هي التي لديها القدرة على اخراج المجتمع. إن هدف الايديولوجية الذكورية المهيمنة من اعلانها أن زمن الايديولوجيات قد انتهى في القرن الحادي و العشرين هو ترك المجتمعات بدون ايديولوجية و هوية. الأيديولوجيا هي هوية المجتمع، وبدون هذه الهوية لا يمكن أن تحدث ولادة اجتماعية جديدة.

 من الضروري تحويل هذه القوة الكامنة، التي ظهرت في الانتفاضات، التي بدأت بطليعة النساء بعد اغتيال النظام الإيراني لجينا أميني، إلى قوة منظمة. ولا يمكن تحقيق هذا إلا من خلال ريادة وحيوية أيديولوجية تحرير المرأة. لا يمكن لمجتمع بلا أيديولوجية أن ينقذ نفسه من أن يكون عبداً لمجتمع آخر. لذلك، فإن أول ما يجب القيام به هو الحصول على هوية ايديولوجية جديدة من العقلية والمشاعر التي ظهرت في الانتفاضات. تماماً كما أعلن قائدنا أيديولوجية تحرير المرأة في 8 آذار/مارس 1998، فإن النساء و الشعوب التي تعيش في إيران أيضاً تحتاج لمثل هذا الظهور الايديولوجي, وتحويل القيم الثورية التي نشأت حول فلسفة المرأة الحياة الحرية إلى نظام. إن النظام الذي يمكنه الاستجابة لهذه القوة الكامنة ذات النوعية الثورية، والذي يمكن أن يكون حلاً للمشاكل الناجمة عن التمييز الجنسي الاجتماعي الذي يعاني منه الشعوب والنساء وشبابنا هو الكونفدرالية الديمقراطية. كما أوضح قائدنا في عام 1998، لا يمكن أن تقتصر المشاكل التي تعاني منها المرأة على يوم واحد فقط، وقد عالجها باعتبارها مشكلة نظامية. لقد اعتبر نهج نظام الهيمنة الذكورية اتجاه  النساء مشكلة أيديولوجية. فمن اليوم الأول اكتشف أن حالة الأسر في شخصية المرأة هي أسر المجتمع، ورأى الحل في ايديولوجية تحرير المرأة. إن أيديولوجيات الهيمنة الذكورية المهيمنة، لا يمكن أن تكون أيديولوجيات النساء ولا المجتمع. وبما أن إيديولوجية تحرير المرأة لها طابع عالمي، فهي أيديولوجية اجتماعية يمكنها الإجابة على مشاكل جميع النساء والمجتمع، وإيجاد هويتها الخاصة. إذا لم تحقق المرأة هويتها الحقيقة في مجتمع ما، لا يمكن لذلك المجتمع تحقيق هويته الوطنية. لأن الهوية والنظام الحقيقي للمرأة والمجتمع هو المجتمع الأخلاقي والسياسي. القوة الرائدة في المجتمع الأخلاقي والسياسي هي المرأة. كما أن أيديولوجية المجتمع الأخلاقي والسياسي هي أيديولوجية تحرير المرأة. إنها ليست مجرد أيديولوجية جنسانية، بل إنها أيديولوجية التحرر الاجتماعي. لقد قال قائدنا: “أن القرن الحادي و العشرين سيكون قرن حرية المرأة”. إن ايديولوجية تحرير المرأة هي الأيديولوجية التي ستحدث ثورة في المشاعر والأفكار المراد تصفيتها في المجتمع. لا يمكن تحقيق البناء الاجتماعي الجديد ما لم يتم تشكيل هوية جديدة، تماماً كما يحتاج الحقل إلى البذور لإنتاج المحاصيل. فإن النظام البديل هو النظام الكونفدرالي الديمقراطي النسائي. على عكس حقيقة المرأة العبدة، تهدف أيديولوجية تحرير المرأة إلى جعل المرأة كونها موضوعاً في الحياة، مبدأً للحياة، استناداً إلى قوتها وإرادتها الذاتية. وبهذا الوعي، يجب أن نكون قوة البناء والريادة في النظام الكونفدرالي النسائي أينما كنا.”